أبحاث
بحث مقدم للمؤتمر العلمي للتمكين الثقافي لذوي الاحتياجات الخاصة بالبحر الأحمر "التمكين الثقافي لذوي الاحتياجات الخاصة في ضوء خصوصية المعطيات الثقافية للبحر الأحمر "، قصر ثقافة الغردقة، الهيئة العامة لقصور الثقافة، 26/12/2018م. عداد د/ ياسر محمد خليل دكتوراه الفلسفة في التربية معلم بالتعليم الفنى قسم التربية المقارنة والإدارة التعليمية - كلية التربية بالغردقة جامعة جنوب الوادي حي مبارك - القصير - البحر الأحمر - مصر E-Mail: yakhalil78@yahoo.com
مقدمة
يعيش العالم اليوم تداخلات عديدة من القوى والمتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ساهمت في إعادة تشكيل طبيعة التعليم وبخاصة التعليم الفني الذي هو القاطرة التي تقود المجتمع نحو الأخذ بعوامل التقدم والتنمية الشاملة والمستدامة.
ولاقتناع القيادة السياسية بأهمية التعليم الفني بصفة خاصة في نهضة الأوطان فقد أعلن رئيس الجمهورية منذ أشهر قليلة في يوليو 2018م في ختام جلسة مؤتمر الشباب بجامعة القاهرة بجملة توصيات في مقدمتها إنشاء هيئة اعتماد جودة البرامج للتعليم الفني والتقني وفقاً للمعايير الدولية.
ويأتي هذا متمشيًا مع توجه الدولة الذي أنعكس على دستور 2014، في أن " تلتزم الدولة بتشجيع التعليم الفني والتقني والتدريب المهني وتطويره، والتوسع في أنواعه كافة، وفقًا لمعايير الجودة العالمية، وبما يتناسب مع احتياجات سوق العمل (رئاسة جمهورية مصر العربية، 2014، مادة 20). للطلاب العاديين والطلاب المدمجين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
حيث تهتم الدولة اهتماماً كاملاً بذوي الاحتياجات الخاصة، لاسيما بعد الدعم الكامل من قبل رئيس الجمهورية لهم في الاحتفال السنوي لليوم العالمي لذوي الإعاقة أول أمس وإلزام الحكومة بحزمة من القرارات التي تعزز مشاركتهم وتمكينهم، والذي تزامن معه صبيحة نفس اليوم صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (2733) لسنة 2018م بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (رئاسة مجلس الوزراء المصري، 2018، قرار 2733).
ويحاول البحث الحالي تحقيق التمكين الثقافي لطلاب الدمج بمدارس التعليم الفني بالبحر الأحمر، حيث تمثل الثقافة أنماط أو نماذج من المعتقدات والقيم والاتجاهات للفرد، وطريقة للتفكير تجعله مترابطاً ومنسجماً مع غيره، وتعكس هذه القيم والمعتقدات درجة التماسك والتكامل بينه وبينهم.
مشكلة الدراسة وأسئلتُها
نظراً لطبيعة التعليم والتدريب ببعض التخصصات وتواجد الماكينات والآلات المتنوعة بمدارس التعليم الفني، كانت هذه المدارس ولفترة قريبة لا تقبل طلاب الدمج بها، إلى أن صدر القرار الوزاري رقم (229) في 2016 بتطبيق نظام الدمج للطلاب ذوي الإعاقة البسيطة بمدارس التعليم الفني اعتباراً من العام الدراسي قبل الماضي 2016/ 2017م.
حيث اثبت الطلاب المدمجون بالتعليم الفني خلال العامين الماضيين تحصيلا دراسيا أكبر من المتوقع، فضلاً على مهارات عملية مهنية جيدة، والدليل على ذلك مشاركة العديد منهم في المسابقات المختلفة، وفوز اثنين منهم للتصفية في مسابقة "ايسيف للعلوم والهندسة" على مستوى المحافظة للعام الحالي.
ومن هنا يسعى البحث الحالي للإجابة عن السؤال التالي:
كيفية التمكين الثقافي لطلاب الدمج في مدارس التعليم الفني بمحافظة البحر الأحمر؟
والبحث الحالي يسعى إلى:
1- إلقاء الضوء على أحد المجالات التربوية المرتبطة بالتعليم الفني بمصر.
2ـ تنمية الوعي بأهمية التمكين الثقافي للطلاب بصفة عامة، وطلاب الدمج بالتعليم الفني بصفة خاصة.
3ـ تبادل الآراء والأفكار حول أحد الموضوعات المطروحة على الساحة التربوية.
منهج الدراسة وأدواتُها
اعتمدت الدراسة الحالية على المنهج الأثنوجرافي، نظراً لاتصال الباحث بموضوع البحث ومعايشته لواقع التعليم الفني حسب طبيعة عمله بأحدي مدارس التعليم الفني بمحافظة البحر الأحمر ومتابعته لتلك المدارس بالمدن الأخرى، وكانت أداتا الدراسة الملاحظة وهي أدق أدوات القياس والتي أجريت على ثلاثة طلاب مدمجين بمدارس التعليم الفني بمحافظة البحر الأحمر، بالإضافة إلى المقابلة الشخصية والتي شملت (10) من المعلمين العلمي والعملي، والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين.
مصطلحات ومفاهيم الدراسة
تتحدد مصطلحات الدراسة الحالية على النحو التالي:
1ـ التمكين Empowerment
التمكين في اللغة من الفعل مَكُنَ، مكانة: عظم عند الناس، (أمكن) الأمر: تيسر وصار ممكناً، سهل عليه وتيسر له، (مَكِّنَ) له: جعل عليه سُلطاناً (مجمع اللغة العربية، 2010، ص 587). ويُعرف التمكين اصطلاحاً بأنه: "تحرير الإنسان من القيود، وتشجيع الفرد، وتحفيزه، ومكافأته على ممارسة روح المبادرة والإبداع (يحيى ملحم، 2006، ص 6).
2ـ الثقافة Culture
تُشير الثقافة في اللغة العربية إلى الأصل (ثقُف) فلان ـ ثقافة: ضار حاذقاً فطناً. (تثقّف): تعلّم وتهذّب (مجمع اللغة العربية، 2010، ص 85).
وتُعرف الدراسة الحالية التمكين الثقافي إجرائياً بأنه: تحرير طالب الدمج بمدارس التعليم الفني من القيود، وإتاحة الفرص له، وتشجيعه وتحفيزه لدعم معتقداته واتجاهاته وقيمه الايجابية، بما يدعم تطوير ذاته تربوياً وعلمياً.
الآليات المقترحة
يقترح الباحث الآليات التالية:
أولاً: تطوير اللوائح والقرارات واللوائح الخاصة بطلاب الدمج
ويمكن تنفيذ الآلية المقترحة عن طريق الإجراءات التالية:
1- تطوير سياسات القبول للمواءمة بين رغبات الطلاب والأماكن المتاحة في التخصصات المختلفة، والتوسع في التخصصات الجديدة لطلاب الدمج (كتخصص التجميل، التريكو)، لتحقيق قيم العدالة والمساواة بين الطلاب العاديين والمدمجين بقدر المستطاع.
2ـ تخصيص مكان للكتب الخاصة بطالب الدمج بالتعليم الفني، وإذا لزم الأمر ألا يحضر بكتبه، نظراً لكثرتها وكبر حجمها لتضمينها الفصلين الدراسيين، وذلك للمحافظة على البنيان العضلي لبعض الطلاب ذوي الإعاقة الحركية.
3ـ حذف نوع الإعاقة في امتحان طلاب الدمج، وأن لا تكتب شهادة التخرج الخاصة بهم "دمج" مراعاة لحالتهم النفسية.
4ـ تشديد الرقابة على أعمال الامتحانات للمحافظة على غرس القيم الايجابية في نفوس طلاب الدمج.
5ـ تعيين أخصائي دمج على الأقل بمدارس التعليم الفني "أو وضع تدريبات مكثفة للقائمين بالمدرسة عن الدمج".
6ـ تفعيل سجل أنشطة طلاب الدمج بالتعليم الفني، وتخصيص درجات لها ضمن درجات أعمال السنة.
ثانياً: التدريب المستمر لأعضاء المجتمع المدرسي
ويمكن تنفيذ الآلية المقترحة عن طريق الإجراءات التالية:
1- تشجيع استخدام طلاب الدمج لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ووسائل وبرامج التعليم والتعلم.
2ـ ضرورة تدريب جميع العاملين بمدارس التعليم الفني على طرق التعامل مع طلاب الدمج ومعرفة احتياجاتهم، وألا يكتفي بمعلم واحد أو أثنين فقط بالمدرسة.
3ـ تطوير كفاية "التعامل مع طلاب الدمج" للمعلمين والمديرين بمدارس التعليم الفني، وجعلها ضمن معايير اختيار القيادات المدرسية منهم.
4ـ عقد برامج إرشادية للطلاب العاديين لتوعيتهم بأهمية تواجد طالب الدمج بينهم، ولبحث مستوى تقدم طلاب الدمج بينهم وعرض المشكلات التي تواجههم وسبل حلها.
5ـ احتضان طلاب الدمج ذوي القدرة علي التميز والإبداع ورعايتهم مشاركتهم في الأنشطة المختلفة كحرس العلم، والسرية، والإذاعة المدرسية مع تدريب القائمين عليها في إعطاء هؤلاء الطلاب جملاً قصيرة، ومن الممكن عقد إذاعة مدرسية لطلاب الدمج أسبوعياً.
ثالثاً: تفعيل المشاركة المجتمعية
ويمكن تنفيذ الآلية المقترحة عن طريق الإجراءات التالية:
1ـ هناك طلاب كثر مدرجون كطلاب عاديين بالتعليم الفني، ولكن هم في الحقيقة طلاب دمج، حرمهم أولياء أمورهم وذويهم من هذه الفرصة نظراً لعادات وتقاليد مجتمعية وخوفاً على مستقبل أبنائهم الأُسري، لذلك يجب تكوين لجنة فنية متخصصة لكشف هؤلاء الطلاب.
2ـ التواصل مع أصحاب الأعمال بالتنسيق مع وحدة تيسير الانتقال لسوق العمل بالتعليم الفني على توظيف طلاب الدمج في أعمال تناسبهم.
3ـ إلقاء الضوء من قبل الصحافة والإعلام على النماذج المتميزة من طلاب الدمج.
4ـ عقد ورش فنية ومسرحية وتثقيفية يشارك فيها طلاب الدمج بالتعليم الفني بالتعاون مع قصور الثقافة في المدن.
المراجع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ